الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.التفسير الإشاري: .قال نظام الدين النيسابوري: التأويل: {الحج أشهر معلومات} هي مدة الحياة الفانية، وقيل إلى أربعين سنة، ولهذا قيل: الصوفي بعد الأربعين بارد. نعم لو صدق طلبه قبل الأربعين وما أمكنه الوصول فقريب أن يحصل مقصوده بعد الأربعين، ومن فاته الطلب في عنفوان شبابه إلى أن بلغ الأربعين فحري منه عليه الحيف إذ ضيع اللبن في الصيف، لكنه يصلح للعبادة التي أجرها الجنة. {فلا رفث} لا يميل إلى الدنيا وزينتها وليهجرها كالمحرم بعد الاغتسال بماء الإنابة بتزر بإزار التواضع والانكسار، ويتردى برداء التذلل والافتقار. {ولا فسوق} ولا خروج من الأوامر والنواهي بل لا يخرج من حكم الوقت ولا يدخل فيما يورث المقت {ولا جدال في الحج} لا نزاع للسالك الصادق في طلب الوصول لا بالفروع ولا بالأصول فلا في مالها مع أحد يخاصم ولا في جاهها لأحد يزاحم، فمن نازعه في شيء من ذلك يسلمها إليه ويسلم عليه {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا} [الفرقان: 63] وتزودوا لكل سالك زاد. فزاد أولي القشور كعك وسويق وهم الذين مقصدهم البيت ومقصودهم الجنة، وزاد أولي الألباب التقوى وهم من مقصدهم ومقصودهم رب البيت. وتقوى أهل القشور مجانبة الزلات ومواظبة الطاعات، وتقوى أولي الألباب مجانبة الصفات بالصفات والذات بالذات. فلما كان مقصودهم خير المقاصد كان زادهم خير الزاد {أن تبتغوا فضلًا} مقام ابتغاء الفضل بمعنى الرحمة بترك الموجود وبذل المجهود وهو في سيره إلى عرفات، ومقام ابتغائه بمعنى مواهب القربة ببذل الوجود عند الوقوف بعرفات، لأن الحج عرفة وعرفة المعرفة ومقام ابتغائه بمعنى الرزق هو قبل سيره إلى عرفات.وقال جمع من المحققين: إنه بعد استكمال الحج الحقيقي لأنه لقوة عرفانه بالله لا تضره الدنيا بل يكون تصرفه فيها بالله في الله لله {عند المشعر الحرام} يعني القلب الذي حرام عليه الاطمئنان بغير ذكر الله: {واذكروه كما هداكم} أي كما هدى قلوبكم يهدي نفوسكم كيلا تقع في خطر حب الدنيا. {وإن كنتم من} قبل الوقوف بعرفات المعرفة {لمن الضالين} في طلب الدنيا وحظوظ النفس {من حيث أفاض الناس} يعنى محمدًا وسائر الأنبياء والأولياء أي لتكن الإفاضة من عرفات المعرفة لأجل أداء الحقوق بالتعظيم لأمر الله والشفقة على خلق الله: {واستغفروا الله} لأجل إزالة غين المخالطة مع الخلق كقوله: {إذا جاء نصر الله} إلى قوله: {واستغفره} [النصر: 1- 3] أي إذا وجدت هذا لا تخلو عن خط ما فاستغفره {فإذا قضيتم} مناسك الوصال وبلغتم مبلغ الرجال فلا تأمنوا مكر الله وواظبوا على الذكر {كذكركم آباءكم} في صغركم للافتقار وفي كبركم للافتخار {أو أشد ذكرًا} لأنه يمكن الاستغناء من الأب ولا يمكن الاستغناء من الله: {والله سريع الحساب} لأن أثر الطاعة وأثر المعصية تظهر في الحال على القلب {في أيام معدودات} هي أيام البداية والوسط والنهاية {فمن تعجل في يومين} وقف على الوسط ليكون من أهل الجنة {فلا إثم عليه ومن تأخر} إلى أن يصل يوم النهاية حتى يكون من أهل الله فذاك لمن اتقى الرجوع والوقوف، والله ولي التوفيق وهو حسبي. اهـ..قال الألوسي: ومن باب الإشارة في الآيات: {وَمِنَ الناس مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ في الحياة الدنيا} يدعي المحبة ويتكلم في دقائق الأسرار ويظهر خصائص الأحوال وهو في مقام النفس الأمارة {وَيُشْهِدُ الله على مَا في قَلْبِهِ} من المعارف والإخلاص بزعمه {وَهُوَ أَلَدُّ الخصام} [البقرة: 4 20] الخصومة لأهل الله تعالى في نفس الأمر {وَإِذَا تولى سعى في الأرض لِيُفْسِدَ فِيهَا} بالقاء الشبه على ضعفاء المريدين {وَيُهْلِكَ الحرث} ويحصد بمنجل تمويهاته زرع الإيمان النابت في رياض قلوب السالكين ويقطع نسل المرشدين {والله لاَ يُحِبُّ الفساد} [البقرة: 5 20] فكيف يدعي هذا الكاذب محبة الله تعالى ويرتكب ما لا يحبه {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتق الله} حملته الحمية النفسانية حمية الجاهلية على الإثم لجاجًا وحبًا لظهور نفسه وزعمًا منه أنه أعلم بالله سبحانه من ناصحه {فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ} [البقرة: 6 20] أي يكفيه حبسه في سجين الطبيعة وظلماتها، وهذه صفة أكثر أرباب الرسوم الذين حجبوا عن إدراك الحقائق بما معهم من العلوم {وَمِنَ الناس مَن} [البقرة: 7 20] يبذل نفسه في سلوك سبيل الله طلبًا لرضاه ولا يلتفت إلى القال والقيل ولا يغلو لديه في طلب مولاه جليل {يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ ادخلوا فِي السلم} [البقرة: 802] وتسليم الوجود لله تعالى والخمود تحت مجاري القدرة لكم وعليكم كافة {فَإِن زَلَلْتُمْ} عن مقام التسليم والرضا بالقضاء {مِن بَعْدِ} دلائل تجليات الأفعال والصفات، {البينات فاعلموا أَنَّ الله} تعالى: {عَزِيزٌ} غالب يقهركم، {حَكِيمٌ} [البقرة: 902] لا يقهر إلا على مقتضى الحكمة، {هَلْ يَنظُرُونَ} إلا أن يتجلى الله سبحانه {فِي ظُلَلٍ} صفات قهرية منن جملة تجليات الصفات وصور ملائكة القوى السماوية، {وَقُضِىَ الأمر} بوصول كل إلى ما سبق له في الأزل {وَإِلَى الله تُرْجَعُ الامور} [البقرة: 210] بالفناء {كَانَ الناس أُمَّةً واحدة} على الفطرة ودين الحق في عالم الإجمال ثم اختلفوا في النشأة بحسب اختلاف طبائعهم وغلبة صفات نفوسهم واحتجاب كل بمادة بدنه {فَبَعَثَ الله النبيين} [البقرة: 3 21] ليدعوهم من الخلاف إلى الوفاق ومن الكثرة إلى الوحدة ومن العداوة إلى المحبة فتفرقوا وتحزبوا عليهم وتميزوا، فالسفليون ازدادوا خلافًا وعنادًا؛ والعلويون هداهم الله تعالى إلى الحق وسلكوا الصراط المستقيم {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ} جنة المشاهدة ومجالس الأنس بنور المكاشفة {وَلَمَّا يَأْتِكُم} حال السالكين قبلكم مستهم بأساء الفقر وضراء المجاهدة وكسر النفس بالعبادة حتى تضجروا من طول مدة الحجاب وعيل صبرهم عن مشاهدة الجمال وطلبوا نصر الله تعالى بالتجلي فأجيبوا إذا بلغ السيل الزبى، وقيل: لهم إلا إن نصر الله برفع الحجاب وظهور آثار الجمال قريب ممن بذل نفسه وصرف عن غير مولاه حسنه وتحمل المشاق وذبح الشهوات بسيف الأشواق:اهـ. .تفسير الآية رقم (204): قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204)}..مناسبة الآية لما قبلها: قال البقاعي:ولما كان قد ذكر سبحانه وتعالى الراغب في الدنيا وحدها والراغب في الدارين وكان قد بقي من الأقسام العقلية المعرض عنهما وهو مفقود فلم يذكره والراغب في الآخرة فقط، وكل من الأقسام تارة يكون مسرًّا وتارة يكون معلنًا وكان المحذور منها- إنما هو المسر لإرادة الدنيا بإظهاره لإرادة الآخرة وكان هذا هو المنافق بدأ به بعد ذكر التقوى والحشر ليكون مصدوعًا بادئ بدء بذلك الأمر مقصودًا بالتهديد بالحشر وساقه بصيغة ما في أول السورة من ذكر المنافقين ليتذكر السامع تلك القصص ويستحضرها بتلك الأحوال وحسن ذلك طول الفصل وبعد العهد فقال: {ومن الناس من} أي شخص أو الذي {يعجبك} أي يروقك ويأخذ بمجامع قلبك أيها المخاطب {قوله} كما ذكرنا أول السورة أنه يخادع، ويعجب من الإعجاب وهو من العجب وهو كون الشيء خارجًا عن نظائره من جنسه حتى يكون ندرة في صنعه- قاله الحرالي.وقال الأصبهاني: حالة تغشى الإنسان عند إدراك كمال مجهول السبب، وعن الراغب أنه قال: وليس هو شيئًا له في ذاته حالة بل هو بحسب الإضافات إلى من يعرف السبب ومن لا يعرفه، وحقيقة أعجبني كذا: ظهر لي ظهورًا لم أعرف سببه.ولما كان ذكر هذا بعد ذكر الحشر ربما أوهم أن يكون القول أو الإعجاب واقعًا في تلك الحالة قيده بقوله: {في} أي الكائن في {الحياة الدنيا} لا يزداد في طول مدته فيها إلا تحسينًا لقوله وتقبيحًا لما يخفى من فعله وأما في الآخرة فكلامه غير حسن ولا معجب {ويشهد الله} المستجمع لصفات الكمال {على ما في قلبه} أنه مطابق لما أظهره بلسانه {وهو} أي والحال أنه {ألدّ الخصام} أي يتمادى في الخصام بالباطل لا ينقطع جداله كل ذلك وهو يظهر أنه على الحسن الجميل ويوجه لكل شيء من خصامه وجهًا يصرفه عما أراد به من القباحة إلى الملاحة، واللدد شدة الخصومة، والخصام القول الذي يسمع المصيح ويولج في صماخه ما يكفه عن مزعمه ودعواه- قاله الحرالي. وقال الأصبهاني: هو التعمق في البحث عن الشيء والمضايقة فيه ويجوز أن يجعل الخصام ألد على المبالغة- انتهى. اهـ..اللغة: {ألد} اللدد: شدة الخصومة قال الطبري: الألد: الشديد الخصومة، وفي الحديث: «إن أبغض الرجال إلى الله الالد الخصم».{الحرث} الزرع لأنه يزرع ثم يحرث.{النسل} الذرية والولد، وأصله الخروج بسرعة ومنه.{إلى ربهم ينسلون} وسمي نسلا لأنه ينسل- يسقط- من بطن أمه بسرعة.{العزة} الأنفة والحمية.{حسبه} حسب اسم فعل أمر بمعنى كافيه.{المهاد} الفراش الممهد للنوم.{يشري} يبيع.{ابتغاء} طلب.{السلم} بكسر السين بمعنى الإسلام، وبفتحها بمعنى الصلح، وأصله من الاستسلام وهو الخضوع والانقياد، قال الشاعر:{زللتم} الزلل: الانحراف عن الطريق المستقيم وأصله في القدم ثم استعمل في الأمور المعنوية.{ظلل} جمع ظلة وهي ما يستر الشمس ويحجب أشعتها عن الرؤية. اهـ. .قال الفخر: اعلم أنه تعالى لما بين أن الذين يشهدون مشاعر الحج فريقان: كافر وهو الذي يقول: {رَبَّنَا آتِنَا في الدنيا} ومسلم وهو الذي يقول: {رَبَّنَا آتِنَا في الدنيا حَسَنَةً وَفِي الأخرة حَسَنَةً} [البقرة: 201] بقي المنافق فذكره في هذه الآية، وشرح صفاته وأفعاله، فهذا ما يتعلق بنظم الآية، والغرض بكل ذلك أن يبعث العباد على الطريقة الحسنة فيما يتصل بأفعال القلوب والجوارح، وأن يعلموا أن المعبود لا يمكن إخفاء الأمور عنه ثم اختلف المفسرون على قولين منهم من قال: هذه الآية مختصة بأقوام معينين ومنهم من قال: إنها عامة في حق كل من كان موصوفًا بهذه الصفة المذكورة في هذه الآية، أما الأولون فقد اختلفوا على وجوه:فالرواية الأولى: أنها نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي، وهو حليف لبني زهرة أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأظهر الإسلام، وزعم أنه يحبه ويحلف بالله على ذلك، وهذا هو المراد بقوله: {يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ في الحياة الدنيا وَيُشْهِدُ الله على مَا في قَلْبِهِ} غير أنه كان منافقًا حسن العلانية خبيث الباطن، ثم خرج من عند النبي عليه السلام فمر بزرع لقوم من المسلمين فأحرق الزرع وقتل الحمر، وهو المراد بقوله: {وَإِذَا تولى سعى في الأرض لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الحرث والنسل} وقال آخرون المراد بقوله تعالى: {يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ} هو أن الأخنس أشار على بني زهرة بالرجوع يوم بدر وقال لهم: إن محمدًا ابن أختكم، فإن يك كاذبًا كفاكموه سائر الناس، وإن يك صادقًا كنتم أسعد الناس به قالوا: نعم الرأي ما رأيت، قال: فإذا نودي في الناس بالرحيل فإني أتخنس بكم فاتبعوني ثم خنس بثلثمائة رجل من بني زهرة عن قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمي لهذا السبب أخنس، وكان اسمه: أبي بن شريق، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعجبه، وعندي أن هذا القول ضعيف وذلك لأنه بهذا الفعل لا يستوجب الذم وقوله تعالى: {وَمِنَ الناس مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ في الحياة الدنيا وَيُشْهِدُ الله على مَا في قَلْبِهِ} مذكور في معرض الذم فلا يمكن حمله عليه بل القول الأول هو الأصح.والرواية الثانية: في سبب نزول هذه الآية ما روي عن ابن عباس والضحاك أن كفار قريش بعثوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنا قد أسلمنا فابعث إلينا نفرًا من علماء أصحابك، فبعث إليهم جماعة فنزلوا ببطن الرجيع، ووصل الخبر إلى الكفار، فركب منهم سبعون راكبًا وأحاطوا بهم وقتلوهم وصلبوهم، ففيهم نزلت هذه الآية، ولذلك عقبه من بعد بذكر من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله منبهًا بذلك على حال هؤلاء الشهداء.القول الثاني: في الآية وهو اختيار أكثر المحققين من المفسرين، أن هذه الآية عامة في حق كل من كان موصوفًا بهذه الصفات المذكورة، ونقل عن محمد بن كعب القرظي، أنه جرى بينه وبين غيره كلام في هذه الآية، فقال إنها وإن نزلت فيمن ذكر فلا يمتنع أن تنزل الآية في الرجل ثم تكون عامة في كل من كان موصوفًا بتلك الصفات، والتحقيق في المسألة أن قوله: {وَمِنَ الناس} إشارة إلى بعضهم، فيحتمل الواحد ويحتمل الجمع، وقوله: {وَيُشْهِدُ الله} لا يدل على أن المراد به واحد من الناس لجواز أن يرجع ذلك إلى اللفظ دون المعنى وهو جمع وأما نزوله على المسبب الذي حكيناه فلا يمتنع من العموم، بل نقول: فيها ما يدل على العموم، وهو من وجوه أحدها: أن ترتب الحكم على الوصف المناسب مشعر بالعلية، فلما ذم الله تعالى قومًا ووصفهم بصفات توجب استحقاق الذم، علمنا أن الموجب لتلك المذمة هو تلك الصفات، فيلزم أن كل من كان موصوفًا بتلك الصفات أن يكون مستوجبًا للذم وثانيها: أن الحمل على العموم أكثر فائدة، وذلك لأنه يكون زجرًا لكل المكلفين عن تلك الطريق المذمومة وثالثها: أن هذا أقرب إلى الإحتياط لأنا إذا حملنا الآية على العموم دخل فيه ذلك الشخص، وأما إذا خصصناه بذلك الشخص لم يثبت الحكم في غيره فثبت بما ذكرنا أن حمل الآية على العموم أولى، إذا عرفت هذا فنقول: اختلفوا في أن الآية هل تدل على أن الموصوف بهذه الصفات منافق أم لا، والصحيح أنها لا تدل على ذلك، لأن الله تعالى وصف هذا المذكور بصفات خمسة، وشيء منها لا يدل على النفاق فأولها قوله: {يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ في الحياة الدنيا} وهذا لا دلالة فيه على صفة مذمومة إلا من جهة الإيماء الحاصل بقوله: {في الحياة الدنيا} لأن الإنسان إذا قيل: إنه حلو الكلام فيما يتعلق بالدنيا أوهم نوعًا من المذمة.وثانيها: قوله: {وَيُشْهِدُ الله على مَا في قَلْبِهِ} وهذا لا دلالة فيه على حالة منكرة، فإن أضمرنا فيه أن يشهد الله على ما في قلبه مع أن قلبه بخلاف ذلك فالكلام مع هذا الإضمار لا يدل على النفاق، لأنه ليس في الآية أن الذي يظهره للرسول من أمر الإسلام والتوحيد، فإنه يضمر خلافه حتى يلزم أن يكون منافقًا، بل لعل المراد أنه يضمر الفساد ويظهر ضده حتى يكون مرائيًا.وثالثها: قوله: {وَهُوَ أَلَدُّ الخصام} وهذا أيضًا لا يوجب النفاق.ورابعها: قوله: {وَإِذْ تولى سعى في الأرض لِيُفْسِدَ فِيهَا} والمسلم الذي يكون مفسدًا قد يكون كذلك وخامسها: قوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتق الله أَخَذَتْهُ العزة بالإثم} فهذا أيضًا لا يقتضي النفاق، فعلمنا أن كل هذه الصفات المذكورة في الآية كما يمكن ثبوتها في المنافق يمكن ثبوتها في المرائي، فإذن ليس في الآية دلالة على أن هذا المذكور يجب أن يكون منافقًا إلا أن المنافق داخل في الآية، وذلك لأن كل منافق فإنه يكون موصوفًا بهذه الصفات الخمسة بل قد يكون الموصوف بهذه الصفات الخمسة غير منافق فثبت أنا متى حملنا الآية على الموصوف بهذه الصفات الخمسة دخل فيها المنافق والمرائي. اهـ.
|